[justify]
05-24-2012 11:34 AM
بدرالدين يوسف دفع الله السيمت
إن القرار رقم 2046 الذي اتخذه مجلس الأمن بتاريخ الثاني من مايو 2012 بالإجماعوهو يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاقالأمم المتحدة، قد قلب موازين الأمور في السودان رأسا على عقب، ولم يستوعب هذه المعطيات الجديدة سوى حكومة جنوب السودانالتي بدأت تتصرف في حنكة سياسية وهي تمتثل لمبادئ القانون ومقتضيات الدبلوماسية بالرغم من تورطها السابق في أعمال مخالفة للقانون.
أما حكومة شمال السودان، فظلت على مذهبها القديم في المكابرة والمراوغة، وهي تبتغي فيما تبتغي التحايل على نصوص القرار الواضحة والمضي في تحدي الشرعية الدولية ، غير آبهة بالنتائج الوخيمة المترتبة على تصرفاتها والتي سوف تقع أعباؤها على كاهل شعبها المنكوب والمرزوء بها .
أما الحركة الشعبية لشمال السودان فقد كان قرار مجلس الأمن إنتصارا كبيرا لها، حيث تم الإعتراف بها دوليا، ولكن يبدو أنها على وشك إضاعة هذهالفرصة الذهبية التي ساقتها لها الأقدار، والتي لو أحسنت إستغلالها ، فسوف تؤدي للحل السلمي، ولكن بكل أسف فإن الحركة الشعبية قطاع الشمال، قد جعلت يدها مغلولة إلى عنقها بإرتباطها بتحالف كاودا العسكري والذي سوف لن تجن البلاد منه سوى المزيد من سفك الدماء.
ولكن الأمل ما زال بعون الله وطيدا ومعقودا في ناصية هذا الشعب الطيب السمح الذي قد يهب من نومه الطويل، هبة قوية عارمة، أعظم بكثير من هبته الأولى في أكتوبر 1964، والتي كانت عاطفية وحماسية وتلقائية... ولكن في هذه المرة، فإننا نرجو أن تكون هبة الشعب السوداني العظيم، ثورة أصلية و يقظة حقيقية ووثبة كبرى على الصعيد الفكري العميق.
أبعاد قرار مجلس الأمن وما يترتب من نتائج كارثية على مخالفته
إن صدور قرار بالإجماع من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، يدل على أن المجتمع الدولي كافة دون إستثاء للصين وروسيا أو أية دولة عربية أو إفريقية، قد شعر بقلق عميق،وإقتنع إقتناعا تاما بأن الحالة السودانية هي حالة عدوان ، يهدد السلم العالمي، ويخل به.
إن هذا الوضع لا يصح السكوت عليه، لا سيما ان حكومة شمال السودان لم تلتزم فعليا وعمليا بنصوص القرار، ولايجدي هنا مجرد الترحيب باللسان، كما لا تجدي محاولة تجزئة القرار ومحاولة الإلتفاف عليه.
وها قد إنصرم إسبوعان ونيف من تاريخ صدورالقرار، مما يستوجب وفقا لنص البند الثاني من القرار: " أن يستأنف السودان وجنوب السودان المفاوضات بلا شروط تحت رعاية فريق الإتحاد الإفريقي الرفيع المستوى المعني بالتنفيذ وبدعم من رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، في وقت يحدده الإتحاد الإفريقي بالتشاور مع الشركاء الدوليين المعنيين، ولكن في غضون أسبوعين من تاريخ إتخاذ هذا القرار"
ثم يمضي القرار في بنده الخامس ليكلف الأمين العام للأمم المتحدة : " أن يبلغ مجلس الأمن ، في غضون 15 يوما ثم مرة كل أسبوعين بعدئذ عن حالة إمتثال السودان وجنوب السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان- الشمال للقرارات الواردة في هذا القرار، ويعرب عنعزمه، في حالة عدم إمتثال أي من الأطراف أو كلها للقرارات الواردة في هذا القرار، إتخاذ تدابير إضافية مناسبة بموجب المادة (41) من الميثاق" ولكن ماهو نص المادة (41) من الميثاق؟
تنص المادة (41) من الميثاق على مايلي: " لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب إتخاذه من التدابير التي لاتتطلب إستخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير ، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الإقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجويةوالبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئيا أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية" .
ماذا يحدث إذا لم تجد كل تلك التدابير؟
إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة في المادة (41) لاتفي بالغرض أو أثبتت أنها لم تف به، جاز له ان يتخذ بموجب أحكام المادة (42) من الميثاق: " بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه... "
زيادة على ذلك فإن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، قد تعهدوا بموجب احكام المادة (43) من الميثاق : " أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناء على طلبه ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي بما في ذلك حق المرور"
وفي مثل هذه الحالات ، فإن مجلس الأمن سيضع الخطط اللازمة لإستخدام القوة المسلحة بمساعدة لجنة أركان حرب، بموجب أحكام المادة (46) من الميثاق.
إن الوضع الراهن ليس مجرد نزاع محلي بين الشمال والجنوب كما كان الأمر من قبل، وإنما هو نزاع إقليمي مسلحبين دولتين من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هما حكومة السودان وحكومة جنوب السودان، وهو أيضا نزاع محلي مسلح داخل أراضي أحد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تتولى كبره حكومة السودان التي ظلت تقاتلجزءا من شعبها قتالا ضاريا ، تستعمل فيه الدولة القوات الجوية والبرية وكل الآت الحرب والدمار.
إنه وضع في غاية الخطورة، يخالف مبادي حسن الجوار، وفض المنازعات الحدودية عن طريق التسويات السلمية، وحفظ وصيانة حقوق الإنسان ، وقد تمخض عن إستمرار الحرب، وتكرار حوادث العنف، آلاف القتلى والجرحى، و كوارث إنسانية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، مما ادى إلى قلق المجتمع الدولي ، وصدور قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع على النحو المبين أعلاه، فماذا فعلت الأطراف الثلاثة المعنية؟
حكومة شمال السودان تستمر في التحايل والإلتواء
لقد كان موقف الحكومة السودانية متسما بالتحايل والإلتواء، وتضارب التصريحات، وإرسال الإشارات المتناقضة، حتى بدت حكومة السودان، مضطربة وبعيدة كل البعد عن الوفاء بمستحقات القرار الواضحة والملزمة لها بواجبات محددة ومبرمجمة برمجة زمنية دقيقة على النحو الموضح أعلاه.
تقول حكومة على لسان وزير خارجيتها، إنها قد قبلت قرار مجلس الأمن، ولكن الوزيروضع حكومته في حالة تناقض حين وضع الشروط والقيود لتنفيذ قرار تلزمه نصوصه في الدخول في المفاوضات من غير شروط ومن غير قيود!! وإمعانا في المزيد من التضليل وتبادل الأدوار، خرج وزير الخارجية السوداني عن المألوف، وقدم نقدا لاذعالرئيس جمهوريته، وما بدا منه من عبارات عنصرية وكلمات نابية غير لائقة، بمقام الإنسان العادي، دع عنك رئيس الجمهورية.
لقد طلب قرار مجلس الأمن في نصوص قوية وواضحة من حكومة شمال السودان طلبات عديدة أهمها:
-الوقف الفوري لجميع الأعمال القتالية بما في ذلك القصف الجوي
- الوقف الفوري للدعاية المعادية والبيانات التحريضية
- إستمرار المفاوضات مع حكومة جنوب السودان ومع الحركة الشعبية - قطاع الشمال - من غير قيد ومن غير شرط
لم تنفذ حكومة السودان أي من هذه الطلبات، ولم تسلك السبل القانونية والدبلوماسية التي يقتضيها الموقف،بل على العكس من ذلك إستمر رئيس جمهورية شمال السودان ونائبه الأول في الأعمال القتالية ، ودق طبول الحرب ، وعسكرة الشباب، والدعوة للعنف، بل إن رئيس جمهورية الشمال قد زعم أنه سيصل إلى جوبا!!
وقد تم كل ذلك رغم نداءات الأمين العام للأمم المتحدة ورغم إدانة المفوضة السامية لحقوق الإنسان لموقف حكومة الشمال ورغم حضور رئيس الآلية الرفيعة التابعة للإتحاد الأفريقي للخرطوم وحثه حكومتها على الدخول في المفاوضات من غير شرط ومن غير قيد. وفوق ذلك أدان كثير من كبار المسئولين الدوليين مواقف حكومة السودان.
ومما زاد الطين بلة، أن عزلة الرئيس البشير قد أخذت في الإتساع، فهاهي لجنة المعونة الأمريكية بمجلس الشيوخ الأمريكي قد قدمت مشروعا بقطع المعونة عن كل دولة تستضيف الرئيس البشير، كما أن وزير خارجية زامبيا قد جزم بأن بلاده سوف تسلم الرئيس البشير للمحكمة الجنائية، إذا تجرأ على حضور مؤتمر القمة الأفريقي. أكثر من هذا فإن رئيس جمهورية بتسوانا قد وصف الرئيس البشير بالزعيم الفاشل وأنه قد أصبح كالسرطان وأنه يجب تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية وتعجب من تباطؤ المجتمع الدولي في إلقاء القبض عليه.
وضع الرئيس البشير كمتهم هارب من العدالة الدولية قلل من قدر الدولة السودانية
إن وضع الرئيس البشير كمتهم هارب من المثول أمام العدالة الدولية، قد قلل من شأن الدولة السودانية، وأهدر مصالح الشعب السوداني... فهذا الرئيس قد فقد الأهلية القانونية التي تؤهله للحكم، بمجرد وضعه كمتهم، ولايعتد في هذا المجال بزعمه وزعم مستشاريه أن المحمكة غير مختصة... فلو كانت المحكمة غير مختصة، فإنه يجب على الرئيس البشير أن يمثل أمام المحكمة ، ويدفع بهذا الدفع امامها لأن الدفع بعدم الإختصاص يقدم لمحكمة الموضوع ، بعد أن يمثل المتهم أمامها، ويعلم ذلك كل من له علم بأبجديات الإجراءات القانونية .
وغني عن البيان أن الرئيس البشير بسبب هروبه من العدالة، قد صار عاجزا عن القيام بالكثير من المهام المطلوب منه قانونا، وأيسرها أنه لا يستطيع أن يتصل بمعظم رؤوساء الدول الأجنبية، ومن ثم لا يستطيع تنفيذ الدستور!!وما زيارته يوم أمس لجمهورية إرتريا إلا محاولة يائسة لتغطية عجزه عن زيارة الدول الأجنبية والإتصال برؤوسائها. إن الدبلوماسية السودانية القاصرة تعتبر مثل هذه الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية تحت حراسة أمنية مشددة إنتصارا، مع أن مثل هذه الزيارة يمكن أن يقوم بها أي مواطن سوداني، وهذا وحده يكفي في بيان تردي وإنهيار سلطة الإنقاذ.
إلى متى يظل شعب شمال السودان العظيم رهينة في يد الرئيس البشير وحكومته الجائرة؟
لعل ما يبديه الرئيس البشير، من مقاومة شرسة وغير موضوعية لتطبيق قرار مجلس الأمن، وكذلك ما تبديه حكومته من مواقف متناقضة، تجاه هذا القرار التاريخي العظيم، ترجع إلى خوفه وخوف أعوانه من الوقوع في قبضة المحكمة الجنائية الدولي، كما أنها بطبيعة الحال ترجع إلى أسباب أخرى تتعلق بتشبث أهل الإنقاذ بالسلطة ، هروبا من تحمل مسئولية أخطاء وجرائم الإنقاذ ، في حال زوال سلطتها التي فقدت هيبتها، ولم يبق إلا سقوطها المريع.
فإلى متى يظل شعب شمال السودان رهينة لهذا الرئيس العجيب؟؟ وإلى متى يظل شعبنا الطيب الصابر رهينة في يد هذه الحكومة الجائرة،التي جلبت سياساتها له ما لايطاق من العداوات.
ليس هناك أعجب من موقف الرئيس البشير، ومن موقف نائبه الأول الذي ظل يحرض على (الضرب في المليان) ، سوى موقف برلمانه الذي ظل يصدر القوانين المناهضة لقرار مجلس الأمن مثل قانون رد العدوان الذي يبيح مصادرة أموال أعضاء الحركة الشعبية التي إعترف بها مجلس الأمن، إلى جملة حزمة قوانين عدائية أخرى تكرس البطش والعنف وتسير بعيدا عن طريق الحل السلمي.
وليس أعجب من برلمان الإنقاذ إلا وزير عدلها الذي قال أن رئيسهم يتمتع بالحصانة الكاملة وله الحق في زيارة أية دولة، ثم طالب الدول الإفريقية بالإنسحاب من المحكمة الدولية
إننا لا نريد أن نأخذ وزير العدل السوداني مأخذ الجد، فإن الأقوال المنسوبة إليه لا تدل على عدم فهم تطورات الموقف السياسي فحسب، وإنما تدل على عدم فهم القانون أيضا... كما اننا لا نود أن نأخذ المجلس الوطني مأخذ الجد ونطلب منه الإلتزام بمبدأ فصل السلطات، لأن رئيس هذه الهيئة التشريعية، ظل يقوم بإعمال الهيئة التنفيذية وأعمال الدفاع الشعبي التي تحرض على سفك كل الدماء، هذا فضلا عن أن هيبة سلطة الإنقاذ قد سقطت في أعين الناس، فلم تبق سلطات لتفصل.
قرار مجلس الأمن صفع الرئيس البشير صفعة قوية وشديدة ولكن
الحركة الشعبية – قطاع الشمال – على وشك إضاعة الفرصة الذهبية
لقد كان قرار مجلس الأمن إنتصارا مدويا للحركة الشعبية لشمال السودان، فقد شدد القرار في ديباجته على الحاجة الماسة إلى إيجاد حل سلمي للنزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق على أساس إحترام التنوع في ظل الوحدة، بمعنى آخر فإن قرار مجلس الأمن قد إعترف بالحركة الشعبية - قطاع الشمال – وحقق لها كل الأهداف التي تنشدها في إحترام التنوع العرقي والثقافي والديني في إطار شمال السودان الموحد.
ثم أعرب مجلس الأمن في ديباجة قراره عن بالغ قلقه من تردي الحالة الإنسانية التي تسبب فيها إستمرار التناحر في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وعن إدانته بقوة جميع أعمال العنف المرتكبة ضد المدنيين في إنتهاك للقانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان.
ثم صفع قرار مجلس الأمن الرئيس البشير صفعة قوية بإعادة العمل بالإتفاق الإطاري – إتفاق نافع عقار- في 28 حزيران (يونيو) 2011 والذي الغاه الرئيس البشير بكل صلف وكبرياء وبصورة مهينة ومذلة لأعوانه ولمؤسساته.
لقد قرر مجلس الأمن في البند الثالث ما يلي: " يقرر أن تقيم حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال – تعاونا كاملا مع فريق الإتحاد الأفريقي ورئيس الهيئة الحكوميةالمعنية بالتنمية بغية التوصل إلى تسويةعن طريق المفاوضات على أساس الاتفاق الإطاري بشان الشراكة السياسيةالمبرم في 28حيزران 2011 بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال – والترتيبات السياسية والأمنية المتعلقة بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان."
ثم وجه القرار صفعة ثانية للرئيس البشير وأعوانه حيث قرر في بنده الرابع أن مجلس الأمن يحث حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان " أن تقبلا الإقتراح الثلاثي المقدم من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بإتاحة إمكانية إيصال المساعدات الإنسانيةإلى السكان المتضررين في كلتا المنمطقتين، وان تكفلا وفقا للقانون الدولي المنطبق، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي المنطبق والمبادئ التوجيهيةللمساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ، وصول موظفي الأمم المتحدة وسائر العاملين في مجال المساعدات الرسميةبصورة آمنة وفورية ودون عوائق، وكذلك تسليم الإمدادات والمعدات ، لتمكين أولئك العاملين من إنجاز مهامهم بكفاءة في مجال مساعدة السكان المدنيين المتضررين من النزاع"
لقد ظلت حكومة البشير تضع العوائق لوصول المساعدات الإنسانية وتمنع المنظمات الدولية من تقديم العون للسكان المدنيين المتضررين، فاعجب لحكومة تقتل شعبها ثم ترفض عون من يريد إنقاذ من بقي حيا من هذا الشعب المنكوب... وبحمد الله فقد أتى قرار مجلس الأمن ليجبر هذه الحكومة الجائرة إجبارا ويكرهها إكراها لتساعد شعبها المغلوب على أمره.
ومن المؤسف حقا، أن الحركة الشعبية لشمال السودان قد إستقبلت قرار مجلس الأمن إستقبالا باردا، فهي قد أعلنت على لسان أمينها العام ، أنها تقبل قرار مجلس الأمن ، ولكنها تتمسك بتحالف كودا والجبهة الثورية التي ما زالت تواصل القتال، أي أنها مثل حكومة شمال السودان لا تعترف من الناحية التطبيقية والعملية بقرار مجلس الأمن.
ومن المؤسف حقا، ان الحركة الشعبية، لم تعلن تبنيها لقرار مجلس الأمن ، ولم تروج للمكتسبات العظيمة التي حققها للمهمشين، كما أنها لم توقف الحرب فورا، بل لم تبد إستعدادها لوقف العمليات العسكرية ، والدخول في المفاوضات دون قيد ودون شرط، وعلى الأسس الواضحة التي قررها مجلس الأمن والتي تصب جميعها في مصلحة المهمشين ، فوق أنها تعزز حقوق الإنسان والأشخاص المنتمين للفئات الضعيفة حسب منطوق البند السابع من قرار مجلس الأمن.
حكومة الجنوب تعلمت من أخطائها ووعت دروس الماضي
لقد كان موقف حكومة جنوب السودان، موقفا حصيفا وذكيا ، يدل على فهمها للعواقب الوخيمة التي تترتب على عدم تطبيق قرار مجلس الأمن، فهي قد بادرت إلى سحب قواتها من أبيي، ثم اعلنت مرارا وتكرارا، ترحيبها بقرار مجلس الأمن و إستعدادها للعودة إلى طاولة المفاوضات، دون شرط ودون قيد.
ماهو المطلوب من شعب شمال السودان؟
المطلوب من شعب شمال السودان أن يتبنى قرار مجلس الأمن، وأن يدعو لتطبيقه ، وان يمارس في عزم وإصرار ، ضغوطا كثيفة ومستمرة على حكومة الرئيس البشير وعلى الحركة الشعبية قطاع الشمال للإمتثال الفوري لقرار مجلس الأمن بوقف الأعمال العدائية والدخول في مفاوضات سلمية دون قيد ودون شرط وأن يطالب في حزم وقوة حكومة الشمال أن تكف عن إيواء أو دعم مجموعات متمردة ضد حكومة جنوب السودان ، وأن تكف الحركة الشعبية قطاع الشمال عن تلقي أي دعم عسكري من حكومة جنوب السودان.
ثم تتضافر جهود جميع أبناء شعب شمال السودان ، لخلق سوداني ديمقراطي، يحترم التنوع الديني والثقافي والعرقي، مع حث حكومة شمال السودان لتطبيق البند السادس من قرار مجلس الأمن والذي أدان الإعتداء على الممتلكات والرموز الدينية والثقافية، وسائر البنود الأخرى التي تلزم حكومة الشمال بإحترام حقوق الإنسان، وتقديم العون الإنساني بواسطة منظمات الإغاثة الدولية للمنكوبين في النيل الأزرق وجبال النوبة
كيف يحقق شمال السودان ما هو مطلوب منه في هذه اللحظات الحرجة؟
شعب شمال السودان في الشمال وفي الغرب وفي الشرق وفي الوسط وفي الجنوب الجديد، شعب ذكي ولماح، لا ينقصه الخلق والإبداع والإبتكار، وإنما تنقصه المعلومات الوافية والصحيحة، وقد حاولت الإنقاذ حجب المعلومات الصحيحة والوافيةعن هذا الشعب الطيب وغسل دماغه ومحو ذاكرته بمذاهب الإنقاذ السطحية طيلة الثلاثة والعشرين عاما الماضية .
ولكن الله القدير كان هو المعلم الحكيم فلم يجن الشعب السوداني من الإنقاذ سوى فصل الجنوب من الشمال، وسوى سفك الدماء والتطبيق المخل لأحكام الإسلام ، والمصارف الربوية التي تسمي نفسها إسلامية، والفساد الإداري ، والظلم والنهب للمال العام، والأزياء القبيحة، والحجب الكثيفة، والتدهور الأخلاقي والفكري والثقافي، وأخيرا هذه الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي حاولت الإنقاذ التحايل عليها بتخفيض الجنيه السوداني، دون أن تسمي الأشياء بأسمائها، وهي تظن أنها سوف تخرج سالمة، وتستمر في التسلط على العباد كما كانت تفعل طيلة الثلاثة والعشرين عاما الماضية، ولكن هيهات، هيهات ، فإن الله لها بالمرصاد.
أما بعد،
فقد آن للإنقاذ أن تذهب وقد آن لها أن تعلم أن الله لم يمل لها في الماضي ، إلا لتزداد إثما، كما هو واضح لكل ذي عينين.
بحمد الله، هاهي الإنقاذ تقف عارية أمام الله وأمام الشعب السوداني، وقد سقطت منها جميع أقنعتها الزائفة، ومساهمة مني في طريق الخلاص كنت قد إقترحت قيام كتلة ثالثة للسلام ولحماية الحقوق والأساسية، تنتهي مهمتها المرحلية على النحو الموضح في ميثاق إنشاء الكتلة الثالثة والذي تم نشره بصحيفة الراكوبة الإلكترونية وتم تعميمه في كثير من المواقع.
المطلوب قيام الكتلة الثالثة في كل ما تبقى من السودان، ولقد ذهبت بنفسي لمدينة الروصيرص في بداية هذا الشهر لحث الناس على النهوض والإتحاد والتآخي ومسك قضيتهم بأيديهم ، والدفاع عن حقوقهم المشروعة وعدم ترك الأمور للمؤتمر الوطني والحركة الشعبية وحدهما.
لقد بدأ السودانيون يتحركون في كل مكان، من أجل تكوين الكتلة الثالثة ولكنه تحرك بطئ، ودون المستوى... المطلوب التحرك السريع الفعال بالوسائل السلمية .
أما بعد،
لقد قطع السودان أشواطا وهويسير خلف الإنقاذ في الطريق المظلم ، طريق الهمجية والحروب، طريق الكذب والإحتيال، ولقد آن لهذا الشعب أن يتحرك بسرعة ، للدخول في السلم كافة، من غير ترد وقبل فوات الآوان، فلم يبق إلا القليل... وكما هو معلوم فإن العجلة غير محمودة ،إلا في مواطن الرضا : " وعجلت إليك رب لترضى"
بدرالدين
كتبه في البحرين في الرابع والعشرين من مايو 2012 ميلادية
الثالث من رجب 1433 هجرية
11 | 8 | 5703
التعليقات
#374613 [كابوس]
0.00/5 (0 صوت)
05-25-2012 01:24 AM
تحدي الرئيس البشير للشعب قال يا انا او زي محمد سياد بري .مافي اي خيار تاني
[كابوس]
#374496 [ابوبكر حسن]
5.00/5 (3 صوت)
05-24-2012 09:45 PM
أستاذنا الجليل بدر الدين يوسف السيمت
تحية الشوق الممدود...,
وبعد:
قرار مجلس الأمن 2046 يضع خارطة طريق واضحة المعالم محددة الغايات وفق برمجة زمنية أكثر تحديدا .. لأنتشال السودان مما فيه من أزمات متفاقمة بسبب طيش وجهالة القائمين على أمره , والمؤسف حقا أن حكومة الهارب من العدالة الدولية عاجزة تماما عن الحل الشامل والسلم الدائم لمواطنيها والوطن الجريح ( وإن رغبت ! ) وما ذلك إلا لأن فاقد الشىء لا يعطيه . ولم يتبق من حل إلا بفرض الوصايا على تلك الحكومة الغير راشدة وإلزامها إلزاما بالحل السلمي بواسطة المجتمع الدولي أو أقتلاعها بواسطة الجماهير الحالمين بالحرية ودولة المواطنة والدستور الذي يفصل السلطات ولا يتدخل في عقائد الناس وأفكارهم إلا حينما تتعدى تلك الأفكار والعقائد على حياة وحرية الأخرين .
السودان بلد تعيس منذور الحظ ! لم يحظ منذ إستقلاله إلا بقيادة عاجزة قصيرة النظر ليس لديها من فكر غير دغدغة عواطف البسطاء ومحاولة تخديرهم بالدين وشريعة القرن السابع . الأمر الذي مكن الهوس والمهوسيين من سدة الحكم وجعل أجندة الخوارج ومطيتهم للحكم " إن الحكم إلا لله " تعود بهذا الشكل الكثيف المرعب بعد أربعة عشر قرنا ! أيعقل أن يسأل الجائع الجاهل المريض المشرد الذي تنتاشه قاذفات الطائرات والحروب العبثية عن رأيه في الشريعة ودولة الدين ؟!! وبواسطة من؟ سراق السلطة والثروة ومشعلي الحروب !!
لن يعيش الناس في سلام وإطمئنان ما لم يتحرروا من الهوس العقدي ويهزموا فكرة الدولة الدينية .
إن كانت لدينا رغبة حقيقية لأنتشال الناس عموما وإنسان السودان على وجه الخصوص مما هو فيه من أزمة وجودية .. علينا النظر في الضرر البالغ الذي أحدثته العقائد الدينية المختلفة عبر العصور... من الفتك بالإنسان والحض من مكانته بعد أن جعلته مطية ووسيلة لما هو دونه من أهداف غرائبية لا تصح كما لا يمكن وصفها بالسمو وهي تقدم الإنسان نفسه كبش فداء وقربان لتلك العقائد !!
إذا لم يراجع أهل العقائد عقائدهم , ويتركوا ( إستعلائهم ) الذي هو بكل أسف يمثل جوهر تلك المعتقدات , وإذا لم يبذلوا أهل الإستنارة والفكر غاية جهدهم في فضح وكشف الخلل البنيوي في بذرة النظم العقائدية .. لا يمكن أن نرى تحسن يطرأ على مسيرة الإنسان في الأرض الحزينة .
[ابوبكر حسن]
ردود على ابوبكر حسن
[الواسوق] 05-25-2012 03:33 PM
أحسنت المقال اخ أبوبكر. ان استلاب الطبقات الحاكمة لحقوق الشعوب وادلجتها لأسلوب الحكم منذ العهد الاموي بما يخدم استمرارها في تخاذل شنيع عن الهدي النبوي بل وفي استعارة مبطنة لمعاني الجاهلية الاولى بكل عنصريتها وعصبيتها، أعاد انتاج الضلالات القديمة في الديانات السماوية السابقة ورأينا انفصال علماء الدين عن الحكام في رفض ضمني لمآلات الحكم ولم يعجز الحكام عن استقطاب علماء آخرين فصارت لهم بطانة كبطانة اليوم من مفتي السلطان رغم جوره وظلمه البيّن فأي فقه ملفق وأي أنصاف افهام هي التي انتجت هذه النخب حتى ورثنا هذا الواقع المرير ونسينا أصل الاشيا وترتيبها. ألم يبعث الله الرسل لتصحيح مسارات الشعوب كلما ضلوا وجعل الشرائع لتنظم مجتمعاتهم ام انه سبحانه وتعالى استبق خلقه بالشرائع ثم جاء بهم ليطبقوها قسراً وهواناً؟! هل يعقل ان نتفاخر بخاتمية الرسالة المحمدية ثم نناقض انفسنا ونتناسى ان من بديهيات الأنظمة طويلة المدى المرونة ومراعاة الجديد لضمان استمرار صلاحياتها فما بالكم بهذا الدين القيم وهو صنيعة الاله؟!!!! لماذا تصر الطبقة الحاكمة على التكريس لنفسها عبر استعارة القديم وقولبة الدين لتسلطه على رقاب الناس فالمارق خائن والمعارض طابور خامس والمواطن مولىً يوليه حيث يريد في حين ان لارقيب عليها بل صار الشرع عندهم فن فلسفة المخالفات واستحسان التجاوزات وكل شاردة هم بها الحاكم على جهله وجلاء عورته؟! هل غدا الاعتماد على جهل الشعوب وتنزيه الطبقة الحاكمة بثوب القداسة هو الوصفة الوحيدة لحكم المسلمين؟! هل بعث الله بهذا الدين السامي والأخلاقي ليسود الفقر والمرض والموت باسم الله؟! حاشى وكلا! لابد لهذا الخلل الكامل من حل كامل ويوجد طريق بعد الوصول الى القاع الا الى اعلى والله المستعان.